خاص كيو لينكر
في عالم التكنولوجيا السريع التطور، أصبحت الحاجة إلى تقنيات أكثر كفاءة في معالجة البيانات لا سيما الفيديو، أمراً حتمياً.
مع ازدياد جودة الكاميرات وارتفاع دقة الفيديوهات المُسجلة، ظهرت الحاجة الملحة لتقنيات ضغط فعّالة تحافظ على الجودة العالية مع تقليل حجم الملفات وتحسين الأداء في نقل البيانات.
من هنا، برزت تقنية H.265 كحل مثالي يلبي هذه المتطلبات، لتكون الجيل الجديد من تقنيات ضغط الفيديو.
تقنية ضغط الفيديو هي مجموعة من الخوارزميات التي تهدف إلى تقليل حجم ملفات الفيديو دون التأثير الكبير على جودتها، حيث تعمل هذه التقنية من خلال إزالة المعلومات الزائدة أو غير الضرورية من الصور المتسلسلة التي تتكون منها اللقطة المصورة، سواء كانت زائدة من حيث التشابه بين الإطارات (Frames) أو من حيث التفاصيل التي لا يمكن للعين البشرية تمييزها بوضوح.
على سبيل المثال، إذا كانت لدينا سلسلة من الإطارات تظهر فيها خلفية ثابتة، فإن تقنية الضغط تكتشف هذا التكرار وتُخزن المعلومات مرة واحدة فقط، مما يقلل من الحجم الكلي للملف بشكل كبير.
كانت الثورة الأولى في مجال ضغط الفيديو، وكانت الخيار القياسي لسنوات طويلة في مجال البث الحي وأنظمة المراقبة.
إلا أنها بدأت تعجز عن تلبية متطلبات اليوم من حيث الكفاءة في ضغط الفيديوهات عالية الدقة مثل 4K و8K.
هي الجيل التالي، وتتميز بكفاءة أعلى في ضغط الفيديو، إذ تستطيع تقريباً تقليل حجم الفيديو إلى النصف مقارنة بـ H.264 مع الحفاظ على نفس جودة الصورة. كما أنها تدعم مستويات من الدقة أعلى وتدعم أحجام شاشات أوسع، مما يجعلها خياراً مثالياً لأنظمة المراقبة الحديثة.
هي تطوير إضافي لتقنية H.265، وتستخدم خوارزميات ذكية تعتمد على التعرف على المحتوى. أي أنها تضغط المناطق الثابتة في الفيديو بشكل أكبر، بينما تحتفظ بالتفاصيل الكاملة للأجزاء المتحركة.
هذا النوع من الضغط يسمح بتوفير ما يصل إلى 75% من مساحة التخزين مقارنة بـ H.264، مما يجعلها خياراً رائعاً لأنظمة المراقبة الذكية التي تحتاج إلى تسجيل طويل الأمد دون استهلاك كبير للموارد.
التحول إلى H.265 يعني قدرة أكبر على تخزين مقاطع الفيديو لفترات أطول باستخدام نفس المساحة التخزينية.
في أنظمة المراقبة التي تعتمد على تسجيل الفيديو بشكل مستمر، يؤدي استخدام هذه التقنية إلى تقليل كبير في تكلفة التخزين، مما يتيح للمستخدمين إما الاستغناء عن بعض وحدات التخزين الخارجية أو زيادة فترة الاحتفاظ بالفيديوهات دون الحاجة إلى حذف المقاطع القديمة.
مع انتشار كاميرات المراقبة اللاسلكية، أصبحت مشكلة استهلاك النطاق الترددي عاملاً مهماً يؤثر على أداء الشبكة.
تقنية H.265 تساعد على تقليل البيانات المنقولة عبر الشبكة اللاسلكية، مما يقلل من التأخير ويحسن من استقرار البث المباشر، حتى في الشبكات ذات السرعة المحدودة.
رغم انخفاض حجم الفيديو، إلا أن H.265 تحافظ على دقة الصورة وجودتها، بل وتقدم تحسناً في تفاصيل الصورة خاصة في الفيديوهات عالية الدقة، مما يعني أن المستخدم لن يضطر للتنازل عن الجودة من أجل توفير المساحة أو تحسين الأداء.
لم يعد البقاء على تقنيات الضغط القديمة أمراً عملياً في زمن تسيطر عليه الكاميرات عالية الدقة والبث المباشر والتخزين السحابي، فتقنية H.265 ليست مجرد ترقية طفيفة، بل هي خطوة استراتيجية نحو كفاءة أعظم، وتكلفة أقل، وتجربة مراقبة أفضل.
إذا كنت تبحث عن نظام مراقبة مستقبلي يواكب التطور التكنولوجي، فالوقت قد حان للتفكير بجدية في الانتقال إلى تقنية H.265 أو حتى H.265+.
فيصل العطري